“خياراتي لم تكن يوماً إلا مُرةً ومدهشة، ولم تكن في يوم من الأيام هذه المنعطفات إلا صعبة ومصيرية، ولستُ ممن يفضلون الالتواء أو الانحناء أو الرجوع للوراء أو التراخي أو المواربة… لن يُثنيني شيء عن قداسة الأسرار والرسالة التي حملتها بوعي كبير في عمر مبكر”.
بهذه الكلمات، اختزلت الشهيدة آمنة حميد فلسفة حياتها ورسالتها التي لم تنحنِ أمام المحن أو تغادر ميدان الواجب.
الكلمات أعلاه ليست مجرد تصريح، بل شهادة مكتوبة على صلابة امرأة عاشت حياة تفيض بالتحديات. لم تكن خيارات آمنة سهلة يوماً، فقد وجدت نفسها في قلب مسؤوليات كبرى، بين النزوح القسري والافتقاد للأمان، وبين واجبات الأمومة وحمل الرسالة. رغم كل ذلك، بقيت قوية صلبة عصية على الانكسار.
الصورة المرفقة، التي أرسلتها لي أنا (سائد حسونة)، كانت آخر ما شاركتني به آمنة قبل استشهادها. كانت الصورة تنطق بحجم المعاناة التي أنهكتها؛ معاناة الفراق والنزوح، وتحمل مسؤولية الأولاد وسط ظروف تفتقر للرحمة. ومع ذلك، لم يكن التعب الذي يكسو ملامحها سوى دليل آخر على إخلاصها الكبير. لقد أعطت دون انتظار مقابل، وتمسكت بمبادئها رغم كل ما واجهته.
كلماتها الأخيرة، كما وجهها الذي لم يُعرف سوى الصلابة، هما رد صريح على كل من أتقنوا فن التخاذل والانحناء. آمنة لم تكن منهم، ولم ترضَ يوماً أن تكون. هذه الملامح والكلمات توثق مسيرة امرأة جسّدت بشجاعة معنى الثبات في وجه التحديات، وحملت رسالتها بكل وعي، دون الالتفاف إلى الخلف أو التردد.