في 24 أبريل، وبينما كانت تُعد البيتزا لأطفالها أمام منزلها، اغتيلت آمنة حميد وابنها مهدي البالغ من العمر 11 عامًا، إثر صاروخ إسرائيلي. كانت آمنة، زوجة ابن عمي العزيزة، واحدة من أكثر النساء شجاعة في غزة. شاعرة وصحفية متميزة، قُتلت بعد 200 يوم من النجاة من قصف مستمر، والتنقل بحثًا عن مأوى آمن.
بداية المأساة: قصف شارع اليرموك
في الخامس من أكتوبر، أنجبت آمنة طفلتها الأخيرة، ضحى، وسط ظروف صعبة. وبعد يومين، بدأ القصف الإسرائيلي لقطاع غزة. منزلها في شارع اليرموك كان ضمن المناطق المستهدفة بشدة، مما أجبرها على الفرار مع عائلتها إلى منزل أهل زوجها في حي الشجاعية. ومع استمرار القصف هناك، قررت آمنة وزوجها سائد حسونة، وهو صحفي أيضًا، الهرب مع أطفالهما الستة إلى مخزن قريب.
ليلة الجحيم
تلك الليلة كانت مظلمة وقاسية. أصابت شظايا صاروخ رأس الطفلة الرضيعة ضحى أثناء وجودها في حضن والدتها. حاولت آمنة معالجة الجرح، لكن الألم والبكاء كانا مستمرين. في محاولة يائسة لإنقاذ الطفلة، خاطر الزوجان بحياتهما وأخذاها إلى مستشفى المعمدان، الذي كان قد تعرض للقصف ودمار كبير. عاد الزوجان من على أبواب الموت، لتقضي آمنة الليل تسهر على طفلتها المصابة.
البحث عن الأمان في مستشفى الشفاء
لم تجد آمنة وسائد سوى مستشفى الشفاء كمأوى مؤقت. هناك، ورغم الظروف الصعبة، استأنفت آمنة عملها الصحفي وبدأت في كتابة قصص اللاجئين المأساوية. ومع ذلك، اضطرت للفرار مرة أخرى بعد حصار إسرائيلي للمستشفى. خلال تلك الفترة، اختطف الجيش الإسرائيلي زوجها سائد، الذي تعرض للتعذيب وعاد بعد سبعة أيام منهكًا ومدمرًا نفسيًا.
الحياة تحت الحصار
تنقلت العائلة من مكان إلى آخر، دون أن تجد مأوى آمنًا. عادت في النهاية إلى مستشفى الشفاء، حيث تعرضت مجددًا لحصار إسرائيلي، واضطرت العائلة للفرار مرة أخرى. في إحدى المرات، نجا الأطفال بصعوبة من تحت الأنقاض، بينما كان سائد يُعتقل للمرة الثانية ويُبعد عن عائلته.
النهاية المأساوية
في اليوم الـ200 من الحرب، نشرت آمنة على فيسبوك عن إصرارها على الحياة والأمل، رغم التنقل المستمر والخوف الدائم. في اليوم التالي، وبينما كانت تُعد البيتزا، استُهدفت بصاروخ إسرائيلي. تحت الأنقاض، نجا أطفالها الخمسة بصعوبة، لكن آمنة وابنها مهدي وُجدت جثتاهما بعد يومين، مدفونين تحت أنقاض منزل الجيران.
وداع بلا لقاء
دفنت آمنة ومهدي في قبر واحد. أما زوجها سائد، فلم يتمكن من وداع زوجته وابنه، إذ كان بعيدًا عنهم قسرًا.