نساء فلسطين: رموز الشجاعة في وجه الاحتلال
تزامنًا مع اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، يتجدد النقاش حول واقع المرأة الفلسطينية، التي تختبر يوميًا أقسى أنواع العنف وأشدها وطأة، على يد الاحتلال الصهيوني. في حين تنشغل الحملات الدولية بمناهضة العنف ضد النساء في سياقات مجتمعية مختلفة، تتجاهل هذه الحملات واحدة من أعتى صور الظلم والعنف، حيث تعيش المرأة الفلسطينية معركة وجود يومية تتجاوز حدود القهر النفسي والاجتماعي.
نساءٌ تكحّلن بالشجاعة
بينما يروج البعض لفكرة المرأة كضحية تقليدية ضمن تصورات محدودة للعنف، تظهر نساء فلسطين كنماذج فريدة من البطولة والتضحية. لم تكن المرأة الفلسطينية مجرد شاهد على المعاناة؛ بل كانت دائمًا في الصفوف الأولى، تقاوم الاحتلال بصمودها وإرادتها التي لا تنكسر.
على مدار عقود، استهدفت آلة الحرب الصهيونية النساء الفلسطينيات بأساليب متنوعة، من القتل المباشر إلى الاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي، وصولًا إلى تهجيرهن وسلب حقوقهن الأساسية. في الضفة الغربية، تحولت النساء إلى دروع بشرية خلال الاقتحامات الليلية للمنازل والمخيمات، بينما في غزة، باتت المنازل التي تؤوي العائلات هدفًا مباشرًا للصواريخ المدمرة.
المرأة الفلسطينية: أُم الشهداء وحارسة الذاكرة
لا ينحصر العنف الذي تعانيه المرأة الفلسطينية في لحظة القتل أو الاعتقال؛ بل يمتد إلى حرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية. أمهات الشهداء، اللواتي حرمن حتى من وداع أبنائهن أو دفنهم بكرامة، يمثلن الوجه الأشد قسوة لهذه المأساة. آلاف الجثامين لا تزال محتجزة في ثلاجات الموتى أو مدفونة تحت أرقام مجهولة، في محاولة لطمس الهوية الفلسطينية وحرمان العائلات من حق الحداد.
أرقام تعكس الألم المستمر
وفقًا للإحصاءات، استشهدت 501 سيدة فلسطينية بين عامي 2008 و2022، وأصيبت 2748 أخرى نتيجة لاعتداءات الاحتلال. وفي عام 2022 وحده، قُتلت ست سيدات على يد الاحتلال في الضفة الغربية، من بينهن الإعلاميتان شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة، اللتان مثلتا صوت الحق في مواجهة الظلم.
مناهضة العنف تبدأ من إنهاء الاحتلال
العنف ضد النساء الفلسطينيات ليس مجرد نتيجة لثقافات مجتمعية أو سياسات محلية؛ بل هو جزء من آلة الحرب الصهيونية التي تستهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني بأكمله. إن معالجة هذا العنف الممنهج تتطلب مواجهة حقيقية مع جذور المشكلة: الاحتلال نفسه.
نساء فلسطين، اللاتي كُنّ وما زلن رموزًا للصمود والتضحية، يقدمن للعالم درسًا في الشجاعة والإرادة، يثبتن فيه أن المرأة الفلسطينية ليست فقط شريكة في الكفاح، بل هي أساس الصمود ودرع الحماية للأرض والهوية.
رسالة للعالم
في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، يجب أن يكون صوت المرأة الفلسطينية حاضرًا بقوة، ليس فقط للتضامن مع معاناتها، بل للعمل على وقف العنف الذي يمارسه الاحتلال بحقها، ودعمها في نضالها المستمر من أجل حياة كريمة وحرة.